تم توقيع اتفاقية رسمية بين الأردن وإسرائيل تنص علي إنشاء مشروع ضخم يتمثل في إنشاء رابط مائي كبير بين البحر الميت والبحر الأحمر طوله 200 كيلو متر، ومن المعروف أن البحر الميت هو ادني نقطة علي سطح الأرض وتبلغ تكلفة المشروع ككل 11 مليار دولار برعاية كل من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي كمانحين من ضمن الدول الممولة للمشروع، ويعتبر المشروع من اكبر أشكال التعاون الاقتصادي بين الكيان الصهيوني والأردن منذ العديد من السنوات، وقد حفزت إسرائيل الأردن علي التوقيع علي الإتفاقيه بمنحها 50 مليون متر مكعب من المياه سنويا من بحيرة طبريه ومن المعروف أن الأردن تعد من افقر عشر دول مائيا حول العالم .
في البداية دعونا نستوضح ماهي أصول المشروع ؟
يعتبر مشروع الربط بين البحرين الميت والأحمر ليس وليد الصدفة ولكنة حلم قديم منذ الأزل خطط له الكيان الإسرائيلي وهو في الأصل فكرة استعمارية روج لها المستعمر البريطاني في القرن 19 لإيجاد بديل عن قناة السويس الفرنسية في ذلك العهد وكان سيتم تنفيذ المشروع بالفعل في الثمانينات من قبل المستعمر الإسرائيلي ولكن الملك حسين ملك الأردن رفض حينها إقامة المشروع رفضا تاما ثم عاد المشروع مرة أخري للظهور عام 2002 في مؤتمر الأرض بجوهانسبرج بجنوب أفريقيا بحجة أنة إنقاذ للبيئة وخاصة للبحر الميت نظرا لإنخفاض منسوب المياه في البحر الميت بمعدل متر واحد كل عام وأنة في عام 2050 من المتوقع إختفائة بشكل نهائي ( وهي مقولة كاذبة تروجها إسرائيل ) .
وأكدت الأردن كثيرا أن جميع المحطات والمنشأت ستكون علي أرضها وأن المشروع أردنيا خالصا وان تنفيذ المشروع في مراحلة الأولي وإدارتة ستكون بلا شريك وأردنية، ولكن هذا الكلام كان فيما سبق قبل توقيع الاتفاقية الحالية، وقد رفضت اغلب الدول العربية تنفيذ هذا المشروع باعتبارة يخالف كل الثوابت التي تمنع التطبيع من أي نوع مع الكيان الصهيوني .
وذكر الإسرائيليون أن المشروع سيكون عبارة عن قناتين الأولي تربط البحر الأحمر بالبحر الميت عن طريق خليج العقبة، والثانية تصبح منفذا من البحر الميت للبحر المتوسط وبالتالي ستقام شبكة إبحار مائية كاملة وجديدة في المنطقة التي تسيطر عليها قناة السويس .
وقد قللت مصر من المشروع وذكر الخبراء بان القناة الجديدة لن تستطيع منافسة قناة السويس علي المستوي الاقتصادي بسبب طول القناة الجديدة التي سيبلغ طولها 280 متر، مما يعني طول فترة الرحلة علي السفن واستهلاك وقود و الإبحار بتكلفة عالية ( وهو كلام ثبت عدم صحته لأن الممر الجديد سيتراوح طوله ما بين 180 كيلو متر الى200 كيلو متر )، ولكن الشيئ الصحيح والمؤكد هو زيادة نسبة الملوحة في البحر الميت بنسبة عالية جدا مما يؤدي الى تأكل هياكل السفن العابرة وبالتالي تكلفة عالية جدا للصيانة .
قد التقي هاني الملقي وزير الخارجية الأردني عام 2005 برئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون وشيمون بيريز نائب رئيس الوزراء، وحدثت بينهما محادثات وصفت وقتها بأنها الأعلى ديبلوماسية بين الأردن وتل أبيب، وفي نفس العام تم توقيع ثلاثي بين الأردن وفلسطين وإسرائيل علي رسالة رفعت للبنك الدولي يطالبونه بعمل دراسة جدوي للمشروع، مع تحمل كامل من قبل الدول الموقعة علي الرسالة لتكلفة دراسة الجدوي البالغة 15.5 مليون دولار بتكلفة مبدأيه 5 مليار دولار كتمويل للمشروع، وبعد شهرين رد البنك الدولي بالموافقة علي تمويل دراسة الجدوي من قبل بعض الدول المانحة وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واليابان وإيطاليا مع تحمل فرنسا 3 مليون يورو .
وأخيرا وفي 27 من فبراير الجاري وقع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي سليفان شالوم مع وزير الري الأردني حازم الناصر اتفاقية لتنفيذ المرحلة الأولي من من المشروع، وهو يتمثل في بناء خط أنابيب لتوصيل مياه خليج العقبة الى مياه البحر الميت بطول 200 كيلو متر وإنشاء محطات لتوليد الكهرباء ولتحلية المياه، بحضور ممثلين عن البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية وفي غياب الجانب الفلسطيني .
إذن ماهي الجدوي الاقتصادية من المشروع ؟
علي حسب الدراسات والتوقعات فان المشروع سوف يسحب ما يقرب من 300 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر وسيتم ضخها سنويا في مياه البحر الميت، عن طريق خط الأنابيب الذي سيبدأ من مدينه العقبة الأردنية ثم في مراحل متطورة من المشروع سيتم سحب ما يقرب من 2 مليار متر مكعب من المياه سنويا وسيتم إنشاء محطات تحلية للمياه علي أن تكون طاقتها الإنتاجية من 65 الى 85 مليون متر مكعب من المياه سنويا، ومع التطوير المستمر سيتم إنشاء محطات لتوليد الكهرباء، وسيتم تزويد الجانب الأردني من قبل تل أبيب بما يقرب من 50 مليون متر مكعب من المياه سنويا لسد العجز المائي لدية، مقابل توقيعه علي الاتفاق أما الجانب الفسطينى والذي غاب عن الاتفاق فسيتم تزويده بما يقرب من 30 مليون متر مكعب من المياه.
السؤال الأهم ما هي مكاسب تل أبيب من هذه القناة ؟
يمكننا أن نجمل مكاسب إسرائيل من الأخذ في الاعتبار للمخاطر المتوقعة فيما يلي :
1- إعادة رسم الحدود بين فلسطين ممثلة في مناطق السلطة وبين الأردن، لان أنابيب نقل المياه سوف تشكل خطوط فاصلة بعمق 100 متر وستكون كلها في الجانب الأردني مع وجووب نشر نقاط أمن صهيونية لحماية المشروع، والأهم هو وضع عائق ضخم جدا أمام أي مشروع مستقبلي لإقامة دولة فلسطينية .
2- تعزيز القدرات النووية لإسرائيل فتل أبيب تضع في مخططها إنشاء 4 مفاعلات نووية أخري تبدو في حاجة الى قناة ضخمة من المياه لتبريد هذه المفاعلات، وسيكون استخدامها بالطبع لا يقتصر علي الطاقة السلمية، وان إقامة المفاعلات السابق ذكرها سيكون علي طول القناة .
3- توسيع الرقعة الزراعية التي سوف تقام علي ارض النقب والتي ستروي بالمياه المحلاة وبالتالي وبشكل تلقائي توسيع أماكن الاستيطان الإسرائيلي فيها، مع رفع معدلات الهجرة وإقامة مستعمرات صهيونية مما يؤدي الى تكثيف الاستيطان .
4- وبفعل تعزيز مصادر الطاقة بهذا الشكل ينتج عن ذلك اقتصادا قويا أضعاف ما هو علية الأن مع توسع في الصناعات الاستراتيجية، مما يؤدي الى تثبيت الجذور الإسرائيلية في المنطقة ككل وبشكل اقوي واكثر ثباتا .